خلق الله شهر رمضان وخلق فيه الصيام، تلك العبادة العظيمة متعددة الفوائد، ومن فوائد الصيام في هذا الشهر العظيم، أنه يمكنك أن تخسر الكثير من الوزن الزائد وتصل إلى وزن مثالي، ولكن ذلك لا يتحقق إلا باتباع أنواع معينة من الأنظمة الغذائية مع الصيام.

هناك طرق كثيرة لـ عمل رجيم في رمضان، والتمكن من خسارة الوزن في رمضان، ولكن ماهي تلك الطرق؟ وكيف تتم؟ كل هذا وأكثر نتعرف عليه في المقال الآتي..

 

ماذا يُقصد بمصطلح الصيام المتقطع؟

كما هو معروف هناك العديد من الطرق لفقدان الوزن، ومن ضمن تلك الطرق، والتي أصبحت شائعة في السنوات الأخيرة هي الصيام المتقطع (Intermittent fasting)، وبطريقة أخرى الصيام في شهر رمضان المبارك، ويُقصد بمصطلح الصيام المتقطع أحد الأنظمة الغذائية، والتي تحتوي على صيام منتظم قصير المدى أو فترات يقل فيها أو يختفي تمامًا  تناول الطعام.

يساعد الصيام لفترات قصيرة الأشخاص على تقليل السعرات الحرارية التي تدخل الجسم؛ مما قد يؤدي إلى فقدان الوزن مع مرور الوقت، كما قد يساعد الصيام المتقطع أيضًا في تقليل عوامل الخطر التي تؤدي إلى الكثير من الحالات الصحية مثل مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، عن طريق خفض مستويات الكوليسترول والسكر في الدم.

 

ما هي طرق خسارة الوزن في رمضان؟ 

هناك عدة طرق للصيام المتقطع، ومنها ما يلي:

- طريقة 16: 8

- النظام الغذائي 5:2

- حمية المحارب (The Warrior diet)

- أكل ثم توقف ثم أكل (Eat Stop Eat)

- صيام يوم بعد يوم (Alternate-day fasting)

 

قد تكون جميع الطرق فعالة للصيام المتقطع الذي يؤدي إلى إنقاص الوزن، وتحديد الطريقة الأفضل يعتمد على الفرد، ولكل طريقة عيوب ومميزات، ولكن لتحقيق خسارة الوزن في رمضان، نتحدث عن أول طريقتين بشيء من التفصيل، نستعرضهما فيما يلي:

 

طريقة 8:16

تُعد طريقة  الصيام المتقطع 8:16 واحدة من أكثر أنماط الصيام شيوعًا لخسارة الوزن، وفي هذه الطريقة يُسمح للفرد بتناول الطعام والمشروبات المحتوية على السعرات الحرارية لمدة 8 ساعات في اليوم، وبعد ذلك يصوم الفرد ويمتنع عن الطعام لمدة 16 ساعة المتبقية من اليوم.

تعتمد طريقة 8:16 على نموذج التغذية المقيدة بالوقت (time-restricted feeding))، وهو نموذج يتميز بالمرونة مقارنة بالأنظمة الغذائية الأخرى، حيث قد يختار بعض الأشخاص تناول وجبة الإفطار ثم الصيام من الظهر حتى الساعة 8 مساءً، بينما يتجنب البعض الآخر تناول الطعام في وقت متأخر ويلتزمون بالصيام من الساعة 9 صباحًا حتى الساعة 5 مساءً، وهناك المسلمون الذين يلتزمون بالصيام من وقت بزوغ الفجر إلى غروب الشمس في شهر رمضان المبارك.

كما تشير الأبحاث إلى أن أنماط التغذية المقيدة بالوقت مثل طريقة 8:16، تمنع ارتفاع ضغط الدم وتقلل من كمية الطعام؛ مما يجعل الجسم يتجه لحرق الكثير من المخزون الداخلي من السعرات الحرارية، مما يؤدي إلى فقدان الوزن، وجدت دراسة أجريت عام 2016 أنه عند دمج هذه الطريقة مع تمرين المقاومة، فإن ذلك يساعد في تقليل كتلة الدهون والحفاظ على كتلة العضلات لدى المشاركين الذكور.

تتناسب طريقة 8:16 بسهولة مع أي أسلوب من أساليب الحياة، ولكن قد يجد بعض الأشخاص صعوبة في تجنب تناول الطعام لمدة 16 ساعة متواصلة، على الرغم من ذلك يمكن أن يؤدي تناول الكثير الوجبات السريعة خلال مدة الـ 8 ساعات إلى إبطال الآثار الإيجابية المرتبطة بالصيام المتقطع في حالة طريقة 8:16، لذا ينبغي عليك أن تتأكد من تناول نظام غذائي متوازن يتكون من الفواكه، والخضروات، والحبوب الكاملة، والدهون الصحية، والبروتين؛ لتحقيق الآثار الإيجابية المرتبطة بطريقة 8:16.

 

طريقة النظام الغذائي 5:2

في هذه الطريقة يأكل الفرد بشكل طبيعي خمسة أيام في الأسبوع ولا يتقيد بالسعرات الحرارية، بعد ذلك في اليومين الآخرين من الأسبوع يتم تقليل كمية السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد إلى ربع احتياجاته اليومية، فلو افترضنا أن هناك شخص يستهلك بانتظام 2000 سعرة حرارية في اليوم، فإن ذلك يعني تقليل كمية السعرات الحرارية التي يتناولها إلى 500 سعرة حرارية فقط في اليوم في اليومين الآخرين من الأسبوع.

إن النظام الغذائي 5:2 فعال في تقييد السعرات الحرارية اليومية؛ لفقدان الوزن والتحكم في نسبة الجلوكوز في الدم بين المصابين بداء السكري من النوع الثاني، وذلك وفقًا لدراسة أجريت عام 2018، ووجدت دراسة أخرى أن النظام الغذائي 5:2 فعال في تقييد السعرات الحرارية؛ لفقدان الوزن والوقاية من أمراض التمثيل الغذائي مثل أمراض القلب والسكري.

يتميز النظام الغذائي 5:2 بالمرونة، حيث يمكنك تحديد الأيام التي تصوم فيها، ولا توجد قواعد بخصوص ماذا ومتى تأكل في الأيام التي يمكنك فيها الحصول على سعرات حرارية كاملة، ومع ذلك فإن تناول الطعام "بشكل طبيعي" في الأيام التي تحتوي على سعرات حرارية كاملة لا يُعد موافقة صريحة لكي تتناول ما تريد.

كما أنه ليس من السهل أن تتقيد ب500 سعر حراري فقط في اليوم، حتى لو كان ذلك لمدة يومين فقط، بالإضافة إلى أن استهلاك عدد قليل جدًا من السعرات الحرارية قد يصيبك ببعض الإعياء أو الإغماء.

 

كيف يؤثر الصيام المتقطع في شهر رمضان على هرمونات الجسم؟

تُعد دهون الجسم هي طريقة الجسم لتخزين الطاقة في صورة سعرات حرارية، فعندما لا تأكل أي شيء، حينئذ يقوم جسمك بإجراء العديد من التغيرات لتسهيل الوصول إلى هذه الطاقة المخزنة، وتشمل هذه التغيرات تغيرات في نشاط الجهاز العصبي، بالإضافة إلى التغيرات الرئيسية في مستويات العديد من الهرمونات، وفيما يلي نوعان من التغيرات الهرمونية التي تحدث عند الصيام: 

 

1. الأنسولين

 تزداد مستويات الأنسولين عند تناول الطعام، وعندما تصوم تنخفض هذه المستويات بشكل كبير، وتسهل هذه المستويات المنخفضة من الأنسولين حرق الدهون.

2. نورابينفرين (نورأدرينالين)

يرسل جهازك العصبي النورإيبينفرين إلى الخلايا الدهنية؛ مما يجعلها تحلل دهون الجسم إلى أحماض دهنية حرة، والتي يمكن حرقها للحصول على الطاقة، ومن المثير للاهتمام أنه على الرغم مما يزعمه بعض مؤيدي تناول 5-6 وجبات في اليوم، فإن الصيام قصير الأمد قد يزيد من حرق الدهون.

3.هرمون النمو البشري (human growth hormone)

والذي قد تزيد مستوياته بمقدار خمسة أضعاف أثناء الصيام، في السابق كان يُعتقد أن هرمون النمو يساعد في حرق الدهون بشكل أسرع، ولكن أظهرت الأبحاث الجديدة أنه قد يعطي إشارة إلى الدماغ للحفاظ على الطاقة؛ مما يجعل فقدان الوزن أكثر صعوبة، ومن خلال تنشيط مجموعة صغيرة من الخلايا العصبية المرتبطة بالبروتين (AgRP)، قد يزيد هرمون النمو بشكل غير مباشر الشهية ويقلل من إنتاج الطاقة.

كما تشير الأبحاث إلى أن تجارب صيام يوم بعد يوم والتي تستمر من 3 إلى 12 أسبوعًا، بالإضافة إلى تجارب الصيام ليوم كامل والتي تستمر من 12 إلى 24 أسبوعًا، تقلل من وزن الجسم ودهون الجسم، ومع ذلك هناك حاجة إلى مزيد من البحث للتحقيق في الآثار طويلة المدى الصيام المتقطع.

شاهد أيضا هذا المقال: كيفية عمل دايت رمضان سريع؟

 

بعض الأرقام التي تتعلق باستخدام الصيام المتقطع لإنقاص الوزن

وفقًا لمراجعة تمت في عام 2014، أدى الصيام المتقطع إلى خفض وزن الجسم بنسبة 3-8% خلال فترة تتراوح بين 3 إلى 24 أسبوعًا، وعند فحص معدل فقدان الوزن، قد يؤدي الصيام المتقطع إلى فقدان الوزن بمعدل حوالي 0.55 إلى 1.65 رطل أي ما يعادل من 0.25 إلى 0.75 كجم في الأسبوع.

كما حدث انخفاض بنسبة 4-7% في محيط الخصر لدى بعض الناس؛ مما يشير إلى أنهم فقدوا دهون البطن، فتشير هذه النتائج إلى أن الصيام المتقطع يمكن أن يكون أداة مفيدة لفقدان الوزن.

 

مخاطر استخدام الصيام المتقطع لإنقاص الوزن

عندما تقلل بشكل كبير من تناول السعرات الحرارية فإنك ستفقد وزنك، ولكن فقدان الوزن هذا قد يسبب بعض أنواع المشاكل الصحية، بما في ذلك صغر كتلة وحجم العضلات، بالإضافة إلى ذلك فإنك عندما تبدأ في الصيام، فإن جسمك ينتقل إلى وضع الحفظ (conservation mode)؛ مما يؤدي إلى حرق السعرات الحرارية بشكل أبطأ.

إن الوزن الذي يتم فقده في أثناء الصيام هو في الأساس سائل أو ماء زائد وليس دهون، وعندما تعود إلى تناول الطعام، فإن أي وزن فقدته سوف تستعيده من جديد، لا يستعيد معظم الناس الوزن الذي فقدوه في أثناء الصيام فحسب، بل يزيد وزنهم عما كانوا عليه قبل الصيام؛ وذلك لأن التمثيل الغذائي البطيء يجعل زيادة الوزن أسهل، وفي القليل من الأحيان قد يكون الوزن المستعاد هو كل الدهون، كما ينبغي إعادة العضلات المفقودة مرة أخرى في صالة الألعاب الرياضية.

 

في النهاية!

"إن استخدام الصيام المتقطع في إنقاص الوزن أداة مفيدة للغاية في حرق الدهون، وإنقاص الكثير من الوزن الزائد، ولكن ليس كل الناس تفيدهم هذه الطريقة؛ لذا إذا كنت ترغب في إنقاص وزنك عن طريق الصيام، فينبغي عليك أن تستشير الطبيب قبل البدء في ذلك."


المصادر والمراجع:

1. https://www.healthline.com/nutrition/intermittent-fasting-and-weight-loss#healthier-eating

2. https://www.webmd.com/diet/features/diet-myth-truth-fasting-effective-weight-loss#1

3. https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/25540982/