قدم شهر رمضان المبارك وبدأت التساؤلات تتشكل في أذهان مرضى السكري حول كيفية وتوقيت أخذهم لأدويتهم وبالخصوص مواعيد دواء السكر خلال هذا الشهر، ومع أنّ الإسلام يعفي الناس من واجب الصيام إذا كان يؤثر على صحتهم بشكل خطير، مثل مرضى السكري حيث أنّ صيام هؤلاء المرضى قد ينطوي على مجموعة متنوعة من المضاعفات بما في ذلك نقص السكر في الدم، وارتفاع السكر في الدم بعد الأكل، والمضاعفات الاستقلابية المرتبطة بالجفاف، ومع ذلك، فإن عدداً كبيراً منهم ما زالوا يختارون الصيام خلال شهر رمضان، لذلك من المهم لمرضى السكري الذين يرغبون في صيام رمضان اتخاذ الاستعدادات اللازمة للصيام بأمان قدر الإمكان، ونُقدِم في هذه المقالة دليلاً لرعاية مرضى السكري مع التركيز على مواعيد دواء السكري خلال شهر رمضان لمساعدتهم على الصيام بأمان إذا كانوا يرغبون في ذلك.

 

ما هي الأنواع الرئيسية للداء السكري؟

- السكري من النوع 2

- السكري من النوع 1

- الحوامل المصابات بالداء السكري

 

مرضى السكري من النوع 2

 

1- بيجوانيدات (ميتفورمين) Biguanides (Metformin)

يجب أن يكون المرضى الذين يتناولون الميتفورمين بمفرده قادرين على الصيام بأمان نظراً لأنّ احتمال حدوث نقص سكر الدم ضئيل، ولكن يتوجب على المرضى تعديل جرعته وتوقيت و مواعيد دواء السكر بحيث يتناولون ثلثي الجرعة اليومية الإجمالية فوراً مع وجبة الإفطار (الغروب)، بينما يتم تناول الثلث الآخر قبل وجبة السحور (ما قبل الفجر)، يمكن للمرضى الذين يعالجون بتركيبات (مستحضرات) بطيئة التحرر من الميتفورمين تناولها مرة واحدة يومياً مع وجبة الإفطار، مع العلم أن بعض الأشخاص يستخدمون هذا الدواء كـ منظم السكر قبل أو بعد الاكل ، وهذا يجب أن لا يحدث دون استشارة الطبيب، فأدوية السكر ومرض السكري بالتحديد بحاجة لعناية طبيّة والتزام بالنصائح.

 

2- الثيازوليدينديون thiazolidinediones

يجب أن يكون المرضى قادرين على تناول الثيازوليدينديون (البيوغليتازون pioglitazone والروزيغليتازون rosiglitazone) كالمعتاد دون الحاجة لتعديل الجرعة، لأنّ خطر حدوث نقص سكر الدم أثناء الصيام منخفض، لكن عند المرضى الموصوف لهم أكثر من دواء للسكري فهناك حاجة لتعديل الجرعة و مواعيد دواء السكر، حيث يجب تناول حبة ونصف مباشرةً مع وجبة الإفطار، والنصف الآخر مع وجبة السحور، تتميز هذه الفئة من الأدوية بأنّ تأثيرها الدوائي يحتاج وقت طويل للظهور، وربما يستغرق الأمر ما يصل إلى 8-12 أسبوعاً، لذلك، لا يمكن لهذه العوامل أن تكون بديلاً لمضادات السكر الفموية الأخرى خلال شهر رمضان، حيث يستغرق تأثيرها عدّة أسابيع للظهور.

 

3- سلفونيل يوريا Sulfonylureas

ينبغي على المرضى المعالجين بهذه المجموعة من الأدوية توخي الحذر أثناء الصيام لأنهم يواجهون خطراً أكبر للإصابة بنقص سكر الدم. قد يترافق استخدام الغليبوريد glyburide أو الجليبنكلاميد glibenclamide مع خطر أكبر للإصابة بنقص السكر في الدم مقارنة بالأدوية الأحدث من السلفونيل يوريا وخاصةً الغليكلازيد gliclazide أو الغليميبيريد glimepiride)، وبشكل عملي، فعلى المصابين بداء السكري الذين يعالجون بالسلفونيل يوريا بجرعة واحدة يومياً (مثل الغليميبيريد glimepiride) أن يأخذوا الجرعة اليومية الإجمالية مع وجبة الإفطار، أما المرضى الذين يتناولون أدوية السولفونيل يوريا ذات المفعول قصير الأمد (مثل الغليكلازيد gliclazide مرتين يومياً)، فإنّ نفس الجرعة اليومية الكليّة تظل دون تغيير، أما مواعيد دواء السكر فـ يتناولها المريض بشكل جرعة واحدة مع وجبة الإفطار والأخرى مع وجبة السحور.

 

4- الأنسولين Insulin

بالنسبة للمرضى الذين يستخدمون الحقن اليومية المتعددة تكون الإستراتيجية الفعالة لديهم هي بإعطاء الأنسولين طويل المفعول مع وجبة الإفطار وتقليل الجرعة بنسبة 20٪ لتقليل مخاطر نقص السكر في الدم، أما بالنسبة للمرضى الذين يأخذون الأنسولين قبل الوجبات فيجب الإنتباه إلى مواعيد دواء السكر عندهم، وعليهم حذف جرعة الظهيرة وتناول جرعة الصباح مع وجبة الإفطار؛ كما يجب أن يأخذوا نصف الجرعة المسائية مع وجبة السحور.

ملاحظة مهمة: بالنسبة للمرضى المعالجين بالأنسولين المختلط premixed insulin، يجب على المريض الإنتباه إلى مواعيد دواء السكر وتناول جرعة الصباح مع وجبة الإفطار ونصف جرعة المساء عند الفجر، في كان المرضى يأخذون الأنسولين المختلط مرة واحدة يومياً قبل شهر رمضان، فيجب أخذ نفس الجرعة قبل وجبة الإفطار.

 

مرضى السكري من النوع 1

بشكل عام فإنّ مرضى السكري من النمط الأول، خاصةً إذا كانوا " من مرضى السكري القَصِف أو الخطر " أو كان مرضهم غير مُسيطَر عليه بشكل جيد، معرضون لخطر كبير للإصابة بمضاعفات شديدة وقد يتم نصحهم بعدم الصيام خلال شهر رمضان، عادةً، سيحتاج المرضى إلى استخدام حقنتين يومياً من أنسولين NPH (أنسولين بروتامين هاغيدورن) كأنسولين ذو مفعول متوسط الأمد، وتكون مواعيد دواء السكر أو الإنسولين عندهم قبل وجبات الإفطار والسحور، بالإضافة إلى إعطاء الأنسولين ذو المفعول قصير الأمد مع الوجبات.

ملاحظة: يعدّ استخدام الأنسولين طويل المفعول خياراً بديلاً، عن طريق حقنه مرتين يومياً بفواصل 12 ساعة لتقليد الأنسولين البشري الأساسي، ويجب إضافة الأنسولين سريع المفعول أو قصير المفعول قبل الوجبتين.

 

الحوامل المصابات بالداء السكري والصيام في رمضان

ينطوي الحمل على حالة من زيادة المقاومة المحيطية للأنسولين وإفراز زائد منه، يُعتقد أن الصيام أثناء الحمل ينطوي على مخاطر عالية للإصابة بالأمراض والوفاة لكل من الجنين والأم، تنطبق القضايا التي نوقشت أعلاه فيما يتعلق بتدبير مرض السكري من النوع 1 والنوع 2 أيضًا على هذه المجموعة، باستثناء أنّه من الضروري إجراء المزيد من المراقبة المتكررة مع تعديل جرعة الأنسولين واستشارة الطبيب في حال وجود ضرورة لـ تناول أدوية السكر الجديدة.

شاهد أيضا هذا الموضوع: كيف تقوم بضبط جرعات دواء السكري في رمضان؟

 

بعض النصائح التي يجب أخذها بعين الاعتبار:

 

المراقبة المتكررة لنسبة السكر في الدم

من الضروري أن يكون لدى المرضى الوسائل اللازمة لمراقبة مستويات الجلوكوز في الدم لديهم عدة مرات يومياً، وهذا أمر بالغ الأهمية بشكل خاص في مرضى السكري من النوع 1 والمرضى الذين يعانون من مرض السكري من النوع 2 الذين يتمّ معالجتهم بالأنسولين، كما يعدّ من الضروري استشارة الطبيب لمعرف هل يجب تناول حبوب السكر قبل أو بعد الأكل ، وذلك حسب نوع كل دواء.

 

الأطعمة التي يجب تناولها في الإفطار (وجبة الإفطار)

من المهم لمرضى السكري أن يأكلوا ما يكفي من الأطعمة الصحية للحفاظ على صحتهم خلال شهر رمضان ومن هذه الأطعمة:

- الكربوهيدرات فهي توفر الكثير من الطاقة ولكنها قد تكون أقل فائدة لضبط مستويات السكر في الدم، خاصة للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 2 تعتبر الكربوهيدرات ذات التي تتحلل وتمتص ببطء مثل الأرز البني، والخبز الأسمر والخضروات خيارات أفضل من الأرز الأبيض، أو الخبز الأبيض أو البطاطس، قد تكون الحلويات من الأطباق الشعبية في الإفطار ولكنها ترفع من مستويات السكر في الدم ويجب تجنبها، فإذا كنت ترغب في تناول الحلويات فعليك تقليل كميتها قدر الإمكان.

- البروتين فهو يعدّ مصدراً جيداً للطاقة ويتم امتصاصه ببطء أكثر من الكربوهيدرات.

- المكسرات والأسماك الزيتية والأفوكادو والزيتون وزيت الزيتون مصادر ممتازة للطاقة وتساعد على زيادة HDL (الكوليسترول الجيد).

تعتبر هذه المأكولات خيارات رائعة للحصول على الطاقة التي تحتاجها مع الحفاظ على مستويات السكر في الدم تحت السيطرة.

 

ممارسة الرياضة لمريض السكر

يمكن الحفاظ على المستويات الطبيعية للنشاط البدني، لكن قد يؤدي النشاط البدني المفرط إلى زيادة خطر الإصابة بنقص السكر في الدم ويجب تجنبه خاصةً خلال الساعات القليلة التي تسبق آذان المغرب، وفي حال القيام بصلاة التراويح فيجب اعتبارها جزءاً من برنامج التمرين اليومي، في بعض المرضى الذين يعانون من مرض السكري من النوع 1 غير المُسيطر عليه بشكل جيد، قد تؤدي التمارين الرياضية إلى ارتفاع شديد في سكر الدم ولذلك يجب الحذر عند القيام بها.

 

ختاماً لا يزال تدبير مرضى داء السكري خلال شهر رمضان يشكل تحديّاً، من الأهمية بمكان أن يكون مقدمو الرعاية الصحية قادرين على تقديم النصيحة والمشورة لمرضى السكري لمساعدتهم على الصيام بأمان إذا كانوا يرغبون في ذلك، علاوةً على ضرورة تحديد مواعيد دواء السكر لديهم ومعرفة متى يؤخذ منظم السكر في رمضان، ومن المهم أيضاً تخصيص خطة معالجة لكل مريض على حدا اعتماداً على نظامه الغذائي ونمط حياته، والأدوية الموصوفة له، وخطر نقص السكر في الدم، والتحكم في نسبة السكر في الدم.

شاهد أيضا: متى يؤخذ علاج الضغط في رمضان؟


المصادر والمراجع:

1. PubMed: Options for Controlling Type 2 Diabetes during Ramadan

2. diabetesjournals: Recommendations for Management of Diabetes During Ramadan

3. diabetes: Ramadan and Diabetes