تعتبر آلام الرأس بأنواعها المختلفة أحد أكثر المشاكل الطبية شيوعاً في العالم، فمن منا لم يعاني من الصداع في مرحلة ما في حياته، ويعتبر الصداع النصفي أحد أهم أنواع الصداع وأكثرها انتشاراً، ويقوم المرضى بصرف مبالغ مالية كبيرة لشراء الأدوية والمسكنات في محاولة علاجه، وسنتحدث في هذا المقال عن الصداع النصفي: الأسباب، الأعراض، أفضل دواء للعلاج ، وستبرز لك المقالة معلومات شاملة عن المرض.
هو صداعٌ نابضٌ شديد أو متوسط يصيب عادةً أحد نصفي الرأس أو كليهما، وغالباً ما يترافق مع الغثيان، الإقياء، وحساسية شديدة للضوء والصوت، وعادة ما يستمر لمدة تتراوح بين 4 ساعات وثلاثة أيام، وقد يكون الألم شديداً لدرجة إعاقة نشاطات المريض اليومية، كما قد يكون الألم محمولاً ولا يعيق للمريض حياته اليوميّة.
يبدأ الصداع النصفي عادةً حول طور البلوغ مع زيادة معدل انتشاره في العقد الرابع، وتختلف أعراض الصداع النصفي من مريض إلى آخر، فبعض المرضى يشعرون بأعراض مُطلِقَة لنوبة الصداع النصفي مثل الإمساك، تغيرات في المزاج، شهية كبيرة للطعام، صلابة في الرقبة، زيادة التبول، والشعور بالنعاس.
وبعد الأعراض المطلقة للنوبة يصف حوالي 25% من مرضى الصداع النصفي أعراضاً عصبية بؤرية تسبق طور الصداع مباشرةً، يطلق عليها اسم نسمة الشقيقة، حيث تتطور النسمة على مدى 5-20 دقيقة ونادراً ما تستمر أكثر من 60 دقيقة ويتلوها مباشرةً طور الصداع، وأهم أعراض النسمة هي:
1- النسمة البصرية: وهي النمط الأشيع حيث يعاني المريض من أعراض بصرية تشبه خطوط الزيكزاك اللامعة ومن تشظي الصورة (كأنه ينظر من خلال لوح زجاجي) وتترافق أحياناً ببقع بصرية عمياء متحركة وقد يصل الأمر الى العمى الشِقّي المؤقت.
2- من اعراض الصداع النصفي أيضاً تنميل وشعور بوخز إبر في اليدين والقدمين.
3- كما قد تكون أحد اعراض الصداع النصفي هي صعوبة في الكلام
أما بالنسبة لهجمة الصداع نفسها فالأعراض تختلف من شخص إلى آخر، وقد يصاب بها المريض عدة مرات في الشهر، وأهم أعراض طور الصداع :
1- ألم نابض في أحد جانبي الرأس، أو كليهما.
2- حساسية للضوء، الصوت المرتفع، وفي بعض الأحيان الرائحة واللمس.
3- غثيان وإقياء.
وبعد انتهاء طور الصداع يعاني بعض المرضى ممّا يسمى بأعراض بعد النوبة، فيشعرون بتعب شديد، و تشوّش ذهني.
على الرغم من أنّ الصداع النصفي لم يتم فهم كل أسبابه بعد، فإن أسباب الصداع النصفي الأيمن و أسباب الصداع النصفي الأيسر هي نفسها، فقد وجد أن المورثات والعوامل البيئية تلعب دوراً مهماً، حيث أن بعض التغيرات في جذع الدماغ واتصالاته بالعصب القحفي الخامس، وبعض التغيرات في المواد الكيميائية الدماغية كالسيروتونين المسؤول عن التحكم بالألم في الدماغ.
بالإضافة الى ما سبق فقد توصل العلماء الى أن بعض المواد والنشاطات تقوم بتنبيه وبدء نوبة الصداع النصفي وقد تكون من اسباب الصداع النصفي وذلك مثل:
1- التغيرات الهرمونية عند النساء: حيث وجد أنّ تقلب مستويات الأستروجين قبل وأثناء الدورة الشهرية، خلال الحمل، وفي سن اليأس يسبب الصداع عند الكثير من النساء.
2- المشروبات الكحولية، والمشروبات الحاوية على الكافيين.
3- المنبهات الحسية: الأضواء الساطعة والمترفرفة، الأصوات المرتفعة، الروائح القوية كرائحة العطر والدهان، كلها قد تؤدي إلى بدء توبة الصداع النصفي.
4- تقلبات برنامج النوم: كنقص أو زيادة النوم.
5- النشاط الفيزيائي: فالرياضة الشديدة أو ممارسة الجنس مثلا قد تؤدي الى تنبيه نوبة الصداع النصفي.
6- تغيرات الطقس: فتغيرات الطقس والضغط الجوي قد تنبه الصداع النصفي.
7- الأدوية: مانعات الحمل، وموسعات الأوعية.
8- الأطعمة: كالأطعمة المالحة التي قد تكون من اسباب الصداع النصفي أو تؤهب له.
هناك عدة عوامل تزيد احتمالية الإصابة بالصداع النصفي وهي:
- التاريخ العائلي: فإصابة أحد أفراد العائلة بالصداع النصفي، يزيد احتمالية الإصابة به بنسبةٍ جيدة.
- العمر: يبدأ الصداع النصفي في أي عمر، ولكن يمتلك الأشخاص بعمر 40 تقريباً احتمالية أعلى للإصابة بالصداع النصفي.
- الجنس: النساء أكثر عرضةً للإصابة بالصداع النصفي من الرجال.
- التغيرات الهرمونية: عند النساء اللواتي يعانين من الصداع النصفي، عادةً ما يبدأ الصداع قبل أو بعد الطمث بمدة قصيرة، كما أنه يتأثر بالحمل والضهي، حيث أنّ الصداع النصفي عادةً ما يخف بعد سن الضهي.
يختلف علاج الصداع النصفيّ حسب الحالة، كما يهدف علاج الصداع النصفي إلى إيقاف الأعراض ومنع حدوث هجمات صداع مستقبلية، وقد تم تطوير أدوية عديدة لعلاج الصداع النصفي وتقسم هذه الأدوية إلى قسمين:
- أدوية مسكنة أو مزيلة للألم، هذا النوع من الأدوية يؤخذ خلال هجمات الصداع النصفي وصمّم لإيقاف الأعراض مثل أدوية الصداع المشهورة المتوفرة فى الصيدليات.
- أدوية وقائية: هذه الأدوية تؤخذ بشكل منتظم، وعادة يومياً، لتخفيف تكرار وشدة هجمات الصداع النصفي.
حيث أنّ أفضل أدوية علاج للصداع النصفي يعتمد على مدى تكرار وشدة الصداع، إذا ما كان هنالك غثيان وإقياء، مدى تعطيله للنشاطات اليومية، وإذا ما كان هنالك حالات مرضية مرافقة.
تعطي هذه الأدوية أفضل النتائج إذا أخذت مباشرةً عند الشعور بأعراض نوبة الصداع النصفي، وأهم هذه الأدوية هي:
1- مسكّنات الألم: حبوب الصداع هذه عادةً تباع بلا وصفة طبية مثل الأسبرين، إيبوبروفين، والباراسيتامول، وإذا أخذت هذه الأدوية لفترة طويلة فقد تؤدي إلى حدوث ما يسمى بصداع استخدام المسكنات المديد، ومن المحتمل أن تسبّب قرحات ونزوف في السبيل المعدي المعوي.
2- تريبتان: فالأدوية مثل سوماتريبتان و ريزاتريبتان تستخدم لعلاج الصداع النصفي لأنّها قادرة على تثبيط مسارات الألم في الدماغ، فعند أخذها على شكل حبوب، حقن، أو بخاخات تقوم هذه الأدوية بإراحة المريض من العديد من أعراض الصداع النصفي، ولكنها تعتبر غير آمنة عند المرضى الذين لديهم خطر الإصابة باحتشاء قلبي.
3- مثبطات CGRP: فقد أثبت هذا النوع من الأدوية حديثاً مدى فعاليته في علاج نوب الصداع النصفي، فله تأثيرٌ جيد في تخفيف الألم، الغثيان، الإقياء والحساسية للضوء بعد حوالي ساعتين من تناوله.
4- مضادات الإقياء: تفيد هذه الأدوية في الصداع النصفي المترافق مع طور نسمة يتضمن الغثيان والإقياء، وتتضمن هذه الأدوية كلوربروزامين، ميتوكلوبراميد، وعادةً ما تؤخذ هذه الأدوية مع مسكنات الألم.
بعض الأدوية السابقة لا تعتبر آمنة خلال الحمل، لذا على المرأة الحامل أن تستشير الطبيب قبل تناول أي دواء من الأدوية السابقة.
تستخدم هذه الأدوية لمنع تكرّر نوب الصداع النصفي بشكل كبير، وعادةً ما ينصح بها الطبيب عند المرضى الذين يعانون من هجمات صداع نصفي متكررة كثيراً وشديدة ومعيقة لنشاطات المريض اليومية ومن هذه الأدوية:
1- الأدوية الخافضة للضغط الشرياني: وتتضمن حاصرات بيتا البروبرانولول، حاصرات قنوات الكالسيوم كالفيراباميل، وتفيد هذه الأدوية في الوقاية من الصداع النصفي المترافق بطور نسمة.
2- مضادات الاكتئاب: كمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة التي قد تعد إحدى أفضل علاج للصداع النصفي الشديد لكن يعتمد ذلك على تقدير الطبيب والحالة الصحيّة للمريض.
3- أدوية الصرع: مثل الفالبروات والتوبيرامات تساهم في الوقاية من نوب الصرع ولكن يتجنبها بعض المرضى بسبب آثارها الجانبية المتعددة.
4- أضداد CGRP أحادية المنشأ: مثل Erenumab-aooe تم الموافقة عليها حديثاً وتعطى كل شهر أو ثلاثة أشهر.
1- بناء روتين طعام ونوم مستمر: حيث أنّ الإكثار أو الإقلال من النوم وتناول الطعام بأوقات عشوائية قد يكون له دور في حدوث نوبات الصداع النصفي.
2- شرب الكثير من السوائل.
3-ممارسة الرياضة بانتظام: فممارسة الأيروبيك بانتظام يساهم في تخفيف التوتر ومنع الصداع النصفي.
4- علاج الوخز بالإبر: فقد أظهرت عدة تجارب سريرية أن علاج الوخز بالإبر يعتبر مفيداً في تخفيف الصداع النصفي.
5- التأمل واليوغا: فهما يخففان التوتر الذي يعتبر مسبباً رئيسياً للصداع النصفي.
وفي الختام نرى مدى تنوّع أشكال صداع النصفي، وعلاجاته، فقد كانت ولا زالت شركات الأدوية تعمل على تطوير علاجاتٍ له نظراً لشيوعه الكبير وتأثيره على حياة المصابين به، ويجب أن نؤكّد على مدى أهمية التعاون بين المريض والطبيب على المدى الطويل للوصول الى التركيبة العلاجية الأفضل للمريض ونشاطاته اليومية، ونتمنّى أن نكون قد وُفقّنا في إيصال أبرز المعلومات عن الصداع النصفي: الأسباب، الأعراض، أفضل دواء للعلاج.
إقرأ أيضا: الفرق بين صداع الضغط وصداع السكرى
المراجع والمصادر:
1. Mayo clinic-migraine
2. Medscape-migraine headache
3. webmd- what is migraine
4. NHS-migraine