يكاد لا يخلو منزل إلا ونجد فيه شخص مصاب بارتفاع ضغط الدم أو ما يطلق عليه الناس القاتل الصامت، يُسبِّب هذا المرض القليل من الأعراض والكثير من الأضرار ولهذا سنتحدث في هذا المقال عن ضغط الدم العالي: الأعراض، الأسباب، العلاج النهائي كما سنبين لك القيم التي تبين لك متى يكون الضغط الدمويّ مرتفعاً حسب أحدث الإرشادات الطبيّة.
بالنسبة لمعظم الناس يكون ضغط الدم المثالي هو 120/80 أو أقل، ويتم تشخيص المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم إذا كان ضغط الدم لديهم 130/80 ملم زئبق أو أعلى. تشير القراءة الانقباضيّة البالغة 130 ملم زئبقي إلى الضغط عندما يضخ القلب الدم في جميع أنحاء الجسم. وتشير القراءة الانبساطيّة البالغة 80 مم زئبق إلى الضغط عندما يرتاح القلب ويمتلئ بالدم. لكن لا تعني قراءة واحدة لارتفاع ضغط الدم بالضرورة أنّك مصاب بارتفاع ضغط الدم. بل يجب أن يبقى مرتفعاً لثلاث قراءات منفصلة وذلك في ثلاث مراجعات منفصلة للطبيب، وعلى مدار ثلاثة أشهر على الأقل.
ملاحظة: في بعض الأحيان يرتفع ضغط الدم لدى الناس لأنهم قلقون من قيام الممرضة أو الطبيب بأخذها. في هذه الحالة قد يطلب منك الطبيب إجراء قراءات ضغط الدم في المنزل أو طلب جهاز مراقبة يقيس الضغط على مدار 24 ساعة للمساعدة في التأكد من إصابتك بارتفاع ضغط الدم.
يصنف ارتفاع ضغط الدم إلى قسمين ارتفاع ضغط الدم الأساسي أو ارتفاع ضغط الدم الثانوي.
يطلق الأطباء على ارتفاع ضغط الدم الذي لا يُسبِبُه مرض آخر مصطلح ارتفاع ضغط الدم الأساسي. يتطور هذا النوع من ارتفاع ضغط الدم بمرور الوقت، وهو يشكل معظم حالات ارتفاع ضغط الدم أي حوالي 90-95% من الحالات، كما ذكرنا أنّه لا تزال الآليات التي تؤدي إلى زيادة ضغط الدم ببطء مجهولة إلا أنّه يوجد اعتقاد بأنّ هناك تفاعل معقد بين عوامل جينية وعوامل بيئية تؤدي إلى تطور المرض. يُطلق على هذه العوامل عوامل الخطر ونذكر منها:
1- الجينات: بعض الناس لديهم استعداد وراثي لارتفاع ضغط الدم، قد يكون هذا من الطفرات الجينية أو التشوهات الجينية الموروثة من والديك.
2- القصة العائلية: حيث وجود أقرباء من الدرجة الأولى مصابين بارتفاع ضغط الدم الأساسي يرفع خطر إصابتك به.
3- فرط الوزن والسمنة المرضِية: زيادة الوزن تفاقم بشكل كبير من خطر إصابتك بارتفاع ضغط الدم، حيث تُسبب السمنة زيادة كمية الأنسجة الدهنية التي تحتاج إلى الأوكسجين وهذا يؤدي إلى زيادة كمية الدم والضغط المطبَّق على جدران الأوعية، ولحسن الحظ فإنّ فقدان بضع كيلوغرامات فقط يمكن أن يخفض ضغط الدم بشكل كبير.
4- تناول الكثير من الأطعمة الجاهزة والملح: تحتوي العديد من الأطعمة الجاهزة على كميات كبيرة من الملح، وكثرة الملح تجعل جسمك يخزن كميات إضافية من الماء مما يرفع ضغط الدم.
5- التوتر والقلق: الهرمونات التي يفرزها جسمك عندما تكون متوتراً تزيد من ضغط الدم، لا تزال هذه العلاقة تحتاج إلى المزيد من الدراسات والأبحاث.
6- تدخين التبغ أو تدخين السجائر الإلكترونية الحاوية على النيكوتين: عندما تدخن يرتفع ضغط دمك بشكل مؤقت، ومع مرور الوقت تقوم المواد الكيميائية السامة في التبغ بإتلاف الشرايين مما يزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية. كما يمكن أن يزيد التدخين السلبي من خطر الإصابة بأمراض القلب.
7- قلة التمارين الرياضية: فالحركة أكثر والجلوس أقل سيخفض ضغط دمك.
8- الأمراض التي تتعرض لها في الحياة المبكرة (فترة الرضاعة): مثل انخفاض الوزن عند الولادة، وتدخين الأم، وقلة الرضاعة الطبيعية تعتبر عوامل خطر لارتفاع ضغط الدم الأساسي لدى البالغين.
عندما نستطيع تحديد سبب مباشر لارتفاع ضغط الدم ففي هذه الحالة يوصف ارتفاع ضغط الدم بأنّه ارتفاع ثانوي. تشير الدراسات الحديثة إلى أنّ ارتفاع الضغط الثانوي أصبح يُشكل 15-20% من حالات ارتفاع ضغط الدم. وغالباً ما يحدث ارتفاع ضغط الدم الثانوي بسرعة ويمكن أن يصبح أكثر حدة من ارتفاع ضغط الدم الأولي. هناك العديد من الحالات التي قد تسبب ارتفاع ضغط الدم الثانوي ونذكر منها ما يلي:
1- الأمراض الكلوية: تعتبر أشيع سبب لارتفاع ضغط الدم الثانوي، ففي هذه الأمراض لن تعود الكلى قادرة على تصفية السوائل مما يؤدي إلى احتباس السوائل في الجسم ثمّ ارتفاع ضغط الدم.
2- السكري: إذا كنت مصاباً بداء السكري من النوع 1 أو النوع 2، فمن المرجح أن خطر إصابتك بارتفاع ضغط الدم هو الضعف عن الناس غير المصابين به.
3- الأمراض الغدية: كمتلازمة كوشينغ وورم القواتم وأمراض الغدة الدرقية وأورام الغدة الكظرية.
4- الأدوية: مثل حبوب منع الحمل وبعض أنواع مسكنات الألم، اسأل الصيدلي عن الآثار الجانبية لأي دواء تتناوله.
قد لا يلاحظ الشخص المصاب بارتفاع ضغط الدم أيّ أعراض ولهذا السبب غالباً ما يطلق الناس على ارتفاع ضغط الدم اسم "القاتل الصامت". وعادةً ما يتم اكتشاف المرض من خلال الفحص الروتيني أو عند البحث عن رعاية صحية لمشكلة مرضيّة أخرى. يمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم دون اكتشافه مبكراً إلى تلف القلب والأوعية الدموية والأعضاء الأخرى مثل الكلى.
ومع ذلك يعاني بعض المرضى من ظهور القليل من الأعراض وخاصة عندما يصل ضغط الدم إلى أرقام عالية، ومن الأعراض التي قد نشاهدها:
يجب على أي شخص يعاني من هذه الأعراض مراجعة الطبيب على الفور، لأنّها قد تشير إلى نوبة ارتفاع ضغط الدم وهي حالة طبية طارئة.
إن علاج مشكلة الضغط الدموي المرتفع لا تقتصر فقط على الجانب الدوائيّ، بل إن هنالك العديد من الجوانب التي من الهام والضروري متابعتها والقيام بها من أجل المحافظة على ضغط دموي طبيعيّ، ومن هذه الأمور :
وهو الخط الأول في علاج ارتفاع ضغط الدم هو إجراء تغييرات في نمط الحياة بما في ذلك التغييرات على النظام الغذائي والتمارين وفقدان الوزن، بالإضافة إلى الأمور التالية:
1- النظام الغذائي الصحي: هو خطوة مهمة في الحفاظ على ضغط الدم الطبيعي. ويؤكد نظام DASH الغذائي (الأساليب الغذائية لوقف ارتفاع ضغط الدم) على ضرورة إضافة الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة إلى نظامك الغذائي مع تقليل كمية الصوديوم وعدم تناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والملح والسعرات الحرارية.
2- القيام بالتمارين الرياضية المنتظمة: تتضمن أنظمة التمارين البدنية التي ثبت أنها تقلل من ضغط الدم التمارين الهوائية وتمارين المقاومة أو تمارين القوة، وحتى الأنشطة البدنية البسيطة مثل المشي يمكن أن تخفض ضغط الدم. وهذه بعض النصائح التي نوفرها لك للمحافظة على حركتك:
- استخدم الدرج وليس المصعد.
- أوقف السيارة على بعد 10 دقائق من عملك أو النزول من الحافلة في مكان مبكر.
- المشي في الخارج خلال فترة الراحة في العمل.
- القيام بنصف ساعة من أعمال التنظيف المنزلية.
3- عدم شرب الكحول: عدم الشرب يعني انخفاض ضغط الدم وتقليل السعرات الحرارية غير الضرورية.
4- الإقلاع عن التدخين: يعدّ التوقف عن التدخين من أهم الأمور التي يمكنك القيام بها لتجنب ارتفاع ضغط الدم والمحافظة على صحة قلبك.
هناك أربع فئات من أدوية ارتفاع ضغط الدم تعتبر الخط الأول (الأكثر فعالية والأكثر شيوعاً) عند بدء العلاج. أحياناً تقترن أدوية أخرى بهذه الأدوية من الخط الأول للتحكم بشكل أفضل في ضغط الدم المرتفع. أدوية الخط الأول لخفض ضغط الدواء هي:
1- مثبطات الأنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين Angiotensin-converting enzyme (ACE) inhibitors: تمنع هذه الأدوية إنتاج هرمون الأنجيوتنسين 2، والذي يستخدمه الجسم بشكل طبيعي للتحكم في ضغط الدم. عندما يتم تثبيط أنجيوتنسين 2 فهذا سيمنع تضيُق الأوعية الدموية. ومن الأمثلة عيلها: الليسينوبريل والكابتوبريل.
2- حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2 Angiotensin II receptor blockers (ARBs): تمنع هذه الأدوية هذا الهرمون نفسه من الارتباط بالمستقبلات في الأوعية الدموية. وتعمل حاصرات مستقبل الأنجيوتنسين بنفس الطريقة التي تعمل بها مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين لمنع تضيق الأوعية الدموية. ومن الأمثلة عيلها: فالسارتان واللوسارتان.
3- حاصرات قنوات الكالسيوم: تمنع الكالسيوم من دخول خلايا عضلات القلب والأوعية الدموية مما يسمح لهذه الأوعية بالاسترخاء. ومن الأمثلة عيلها: الأملودوبين والنيفيديبين.
4- مدرات البول: تعمل على طرد الصوديوم الزائد من الجسم مما يقلل من كمية السوائل في الدم. وغالباً ما تُستخدم مدرات البول مع أدوية أخرى لعلاج ارتفاع ضغط الدم. ومثال عليها: هيدروكلوروثيازيد.
ختاماً؛ كلما أسرعت في إجراء تغييرات صحية في نمط الحياة كالإقلاع عن التدخين والتقليل من تناول الملح وممارسة المزيد من التمارين، فإنّك ستتمتّع بصحة أفضل لفترة أطول. ومن خلال اتخاذ الإجراءات التي ذكرناها لخفض ضغط الدم يمكنك حماية نفسك من أمراض القلب والسكتة الدماغية ومعرفة كافة المعلومات الخاصّة بـ ضغط الدم العالي: الأعراض، الأسباب، العلاج النهائي.